الأربعاء، 6 أبريل 2011

جوائز (الطيب صالح): يتنافس المتنافسون (1-2)

الصادق الرضي
الكاتب أحمد أبوحازم

(1)
(4) جوائز حملت اسم (الطيب صالح)، قصب السبق كان من نصيب (جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي) التي أشرف على تنظيمها مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي، وبدأت فعاليتها قبل رحيل الكاتب الكبير بنحو (7) سنوات؛ بعد رحيله أعلنت سكرتارية جائزة الطيب صالح بمركز عبدالكريم ميرغني الثقافي عن مسابقتها للقصة القصيرة للشباب، حققت جائزتها في الدورة الأولى صباح سنهوري بقصتها (عزلة) وحقق الطيب عبدالسلام جائزتها في الدورة الثانية بقصته (إنطفاءة ظل) وجرى مؤخرا الإعلان عن شروط دورتها الثالثة؛ لأول مرة يعلن عن مسابقة تحمل اسم الطيب صالح من مؤسسة غير مركز عبدالكريم ميرغني، أعلنت وزارة الثقافة والإعلام ولاية الخرطوم بشراكة مع صحيفة (الصحافة) وإذاعة (ساهرون FM)، عن مسابقة باسمه للقصة القصيرة استهدفت قطاع الشباب أيضا (تشجيعاً للمواهب الشابة على التأليف والنشر)، حاز على جائزتها الأولى شاذلي جعفر العوض سعيد عن قصته (وحل ومخاض)، في العام الماضي دشنت الشركة السودانية للهاتف السيار (زين) جائزة الطيب صالح للابداع الكتابي- عالمية سنوية بقيمة (200) الف دولار امريكي، لم تقتصر على التنافس في مجالي (القصة القصيرة والرواية) فقط بل فتحت التنافس في مجال (النقد الأدبي)- في مجال (القصة القصيرة) فتح باب التنافس من خلال المشاركة بـ (مجموعة قصصية) لا تقل عن 13 قصة قصيرة؛ جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي أنجزت دورتها الأولى في فبراير المنصرم بالتزامن مع الذكرى الثانية لرحيل الطيب صالح من خلال إحتفالية كبرى انتظمت قاعة الصداقة بالخرطوم في يومي (17-18) أعلن في خاتمتها عن الفائزين بجوائزها على النحو التالي: الجائزة الأولى وقيمتها (10) دولار أحرزها المصري سعد القرش- الجائزة الثانية وقيمتها (7) ألف دولار أحرزها الزين بانقا- الجائزة الثالثة في مجال الرواية وقيمتها (4) الف دولار أحرزها السوري محمد حسن الحفري؛ الأولى في مجال القصة القصيرة أحرزها أحمد الجالي أحمد (أبو حازم) وقيمتها (8) الف دولار- الثانية وقيمتها (6) ألف دولار أحرزها المصري عمار على حسن- الثالثة وقيمتها (4) الف دولار أحرزها المغربي اسماعيل غزالي؛ الجائزة الأولى في مجال النقد وقيمتها (8) الف دولار أحرزها الجزائري عمر عاشور- الثانية وقيمتها (6) ألف دولار المصري أحمد قريب- الثالثة وقيمتها (4) الف دولار أحرزها د.حسن أبشر الطيب.
(2)
(المسابقة- المسابقات) لطبيعتها التنافسية، تفتح الأبواب واسعة لفعالية (المقارنة)، ولإجراء إي مقارنة لابد من توفر شروط، للخروج بنتيجة موضوعية لا تظلم أحدا، لكن إجراء هذه المقارنة ليس من أهداف هذا المقال الذي يضع اهتمامه- في المقام الأول- لرصد تعدد الجوائز في ساحة واحدة، وفي مجال إبداعي يكاد يكون واحدا، والنظر إليها ابتغاء تقييمها- لاحقا، على ضوء التقاليد التي التزمت بها والتي لم تحققها بالقياس على التقاليد المعروفة عالميا وإقليميا لفعالية (الجائزة) في المجالات الأدبية، وإن إختلفت الإمكانيات وبالتالي الأداء والنتيجة المحققة والمرجوة؛ ويعتمد المقال على طرح ملاحظات على كل جائزة من الـ (4) جوائز المذكورة أعلاه.
(3)
حققت فكرة إنشاء جائزة تحمل اسم الكاتب الراحل الطيب صالح، قبل رحيله، بعد أن قصرت اليد عن تنفيذ مشروع (مركز ثقافي) بالخرطوم يحمل اسمه، إبان الإحتفال بسبعينيته في القاهرة، إنعاشاً ملحوظاً في ساحة النشاط الثقافي، وفي حقل الكتابة الروائية على وجه الخصوص، ومنذ إعلان الفائز بالجائزة في دورتها الأولى، يوم21 أكتوبر 2003م والتي نالها الحسن بكري عن روايته (المحارب القديم) سعت سكرتارية الجائزة إلى ترسيخ تقاليد معينة، تمنح (الجائزة) شخصيتها، بالإضافة إلى حيوية تضفيها على النشاط الثقافي بصورة عامة، حيث درجت على تنظيم أنشطة تسبق الإعلان عن الجائزة، كما درجت، منذ الدورة الأولى، على تنظيم فعاليات (المؤتمر العلمي للرواية السودانية)، كل ذلك أكسب (الجائزة) قدراً معقولاً من التدافع نحو المشاركة في أنشطتها بتقديم الأوراق النقدية والبحثية وخلافه؛ ولا نحسب النقد الذي كتب حول الجائزة ولجانها ومؤتمراتها وأنشطتها، منذ انطلاقتها، خصماً عليها بأية حال، فما هو دافع النقد إن لم يكن إثراء التجارب والمبادرات؟!.
لكن ثمة ملاحظات بطبيعة الحال، يمكن طرحها هنا، نحو أن تتحقَّق (الجائزة) في أشراط أكثر احترافية ربما، أو ربما نحو أن تُنجَز فعاليتها القصوى ويستفاد من قاعدتها المؤسسية التي تنطلق منها، ونحوه؛ وفي البال أن سكرتارية الجائزة تصدر كتاباً سنوياً هو العمل الروائي مستحق الجائزة، بصورة مشرفة، إخراجاً وتحريراً، وفاءً ببعض ما تعد به من مستحقات الفوز، لكن يلاحظ المتابع أن سكرتارية الجائزة تغفل البعد الإعلامي المصاحب لإعلان الجائزة إلى حد بعيد، نعم أخبار إعلان الجائزة وتغطيات المناسبة تنشرها الملفات الثقافية بالصحف (الخرطومية) وربما يحضر (التلفزيون) أو لا يحضر، وكذلك تحرص الصحافة الثقافية الخرطومية على تغطية الأنشطة المختلفة ما قبل وما بعد إعلان الجائزة، إنما لا يتعدى الأمر ذلك (قيد أنملة).
مع ملاحظة أن الملفات الثقافية بالصحف الخرطومية تعتبر المساحة الوحيدة المكتوبة المتوفرة لمنتجي وقراء ومتابعي النشاط الأدبي عندنا، وهي صحافة محلية كون إداراتها لا تكترث لأمر الموقع الإلكتروني للصحيفة وضرورة تطويره تقنيا ليتناسب مع ما يشهده العالم متسارعا في هذا المجال، أيضا لا تكثرث إدارات التحرير لضرورة تحديث الموقع بصورة يومية بإشراف من محرر محترف، فصار واقع الصحيفة على الإنترنيت أمرا لا يشجع أحدا على التعامل معه بصورة جدية- إلا قلة لا تغطي كامل المشهد.
سكرتارية جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي، لا تطمح إلى الإستفادة من اسم الطيب صالح الكاتب العالمي المرموق، لاختراق (الميديا) الإقليمية والعالمية ثقافياً، ويمكنها ذلك إن أرادت، بابتداع الوسائل المختلفة للتواصل مع هذه (الميديا) وإبراز روائي سوداني جديد للعالم سنوياً، هو الفائز بالجائزة، وبمقدورها إن أرادت أن تصنع من مناسبة إعلان الفائز بالجائزة تظاهرة ثقافية وإعلامية كبرى، تتابع فعاليتها الصحافة الثقافية العربية والإفريقية، وتتناقل أخبارها القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية ذات الطابع الثقافي، ولا يكلف ذلك أكثر من وضع خطة متكاملة ومدروسة باستشارة ذوي الخبرة والدربة ممن هم بين ظهرانينا، إلى جانب الاستفادة من علاقات مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي وأصدقائه بالداخل والخارج، وهي تحقق بذلك حلماً ربما راود كل من طمح لأن تصدر روايته وهي تحمل اسم (جائزة الطيب صالح) من سارت بذكره الركبان.
يلاحظ المتابع أيضاً، أن سكرتارية الجائزة لم تكترث لأمر الترجمة باعتبارها حافزاً مصاحباً لنشر الرواية الفائزة، وهو حافز أيضاً لتنشيط حركة ترجمة الأدب السوداني المكتوب باللغة العربية وفتح كوة للوصول به إلى عتبات ومشارف أخرى، وأخيراً نلاحظ أن سكرتارية الجائزة أغفلت شأن أن تبني موقعاً إلكترونياً باسم الجائزة، على قاعدة معلومات يهم السكرتارية أن تتوافر، ومادة توافرت لها من (أوراق نقدية، محاضرات، مخطوطات أحرزت جوائز تقديرية، روايات حققت الجائزة وصدرت في كتب، معلومات عن الطيب صالح وسيرته الذاتية، معلومات عن المشاركين في كل دورة وقائمة بأسماء الفائزين،..).
(4)
جائزة الطيب صالح للشباب في القصة القصيرة التي ينظمها مركز عبدالكريم ميرغني أنشئت حديثا مقارنة بجائزة الرواية التي ينظمها ذات المركز، ويحمد لها الإستمرارية حيث أنجزت دورتيها الأولى والثانية على قدر معقول من المؤسسية ومن مستحقاتها صدرت مجموعة (عزلة وقصص أخرى) متضمنة الـ (10) أعمال الفائزة في الدورة الأولى، مؤخرا صدرت مجموعة (إنطفاءة ظل وقصص أخرى) متضمنة الـ (10) أعمال الفائزة في الدورة الثانية، أما الدورة الثالثة فقد بدأت انطلاقتها وأعلن عن شروطها وينتظر إعلان نتائجها في السادس من أبريل المقبل؛ أما جائزة وزارة الثقافة والإعلام ولاية الخرطوم في شراكتها مع صحيفة (الصحافة) وإذاعة (ساهرون FM) فقد توقفت عند دورتها الأولى تلك، ولم يسمع عنها أي خبر بعد ذلك.
(5)
إعلان الشركة السودانية للهاتف السيار (زين) عن جائزة (الطيب صالح للإبداع الكتابي) في العام الماضي أثار جدلا في الساحة الثقافية لم ينقطع بإنتهاء فعاليات إعلان الفائزين بها في فبراير المنصرم، وذلك على عدة أصعدة أبرزها استنكار قطاع كبير من الناشطين بالساحة دخول (شركة ربحية) في المقام الأول، دائرة الأنشطة الثقافية عامة والأنشطة الأدبية على وجه الخصوص، أبرز وجهة نظر هذا القطاع، لحد كبير، مقال كتبه الشاعر والكاتب مامون التلب ونشره ملحق (سديم) بصحيفة الأخبار بعد وقت قصير من تدشين الجائزة وإعلان أسماء أعضاء مجلس أمنائها وشروطها؛ وعلى صعيد آخر أثار تقرير نشرته مطلع هذا العام (صحيفة الحياة اللندنية) مناقشات حول عدة مسائل- تجاوزها واقع الأحداث؛ لكن متابعتنا لفعاليات (جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي) في دورتها الأولى رصدت عدة ملاحظات حول مفارقة تقاليد أساسية، يتسع الجزء الثاني من المقال لتفصيلها، بجانب تدوين افكار إضافية حول ظاهرة الـ (4 جوائز).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق