الصادق الرضي
في مارس 2004م محمود صالح
راعي مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي بأمدرمان بادر بدعوة وفد من الحركة الثقافية
اللبنانية، في تلك الأيام كانت التحضيرات تجري بشكل أو بآخر من قبل المؤسسة
الثقافية الرسمية نحو مشروع الخرطوم عاصمة للثقافية العربية 2005م، ولسبب أو لآخر،
نسق مركز علدالكريم ميرغني الثقافي فعاليات وفد الحركة الثقافية بالتعاون معا
فعاليات التحضير لمشروع العاصمة الثقافية، لفت نظري اسم الشاعر اللبناني الكبير
إلياس لحَّود مدرجا بالبرنامج، سعيت إليه وأجريت معه مقابلة صحافية لصالح صحيفة
الأضواء التي كنت أدير قسمها الثقافي آنذاك، وبينما كنت أهرع مساء 25 مارس نحو
مسرح (البقعة- سابقا) مركز شباب أمدرمان، لأكون حضورا عند قراءاته الشعرية، هاتفني
أحد الأصدقاء، ناعيا لي الكاتب المبدع زهاء الطاهر.
عرفت اسمه- أول ما عرفته-
من خلال صفحات الملف الثقافي لصحيفة (الهدف- متوقفة الصدور) الذي كان يديره الناقد
والصحافي محذوب عيدروس في منتصف ثمانينات القرن المصرم، كانت صفحات الملف تضج
بالأسماء المعروفة والجديدة، ولما كان عيدروس حفيا بتجاربنا الشعرية الباكرة، كنا
نتابع الملف بشغف، من ضمن كوكبة من الكتاب، كنت أقرأ لزهاء، دون أن ألتقيه، ثم
تناهى إليَّ خبر اغترابه إلى الخليج- تحديدا الدوحة، من هناك صدر كتابه القصصي الأول
(ليلى والجياد) وكتابه الثاني.
حين عاد من مغتربه، منتصف
تسعينيات القرن المصرم كانت تحولات عديدة ألمت بالمشهد الثقافي، موجات الهجرة
المتتالية جرفت أجيالا وأجيال جديدة قدمت إلى ساحة جرداء من المنابر، حينها كنت
أدير قسما للثقافة والفنون بصحيفة رياضية يومية، هي صحيفة (الغد- متوقفة الصدور)
صحبة القاص والصحافي عثمان شنقر، لسبب أو لآخر، لم أحظ بمعرفة زهاء الطاهر على
المستوى الشخصي، كنت أعرف أخبار أنشطته من خلال زميلي عثمان شنقر، وبينه وبين شنقر
توطدت أواصر من الصداقة شخصية.
أكثر من ذلك كنت أعرف أنه
انخرط في خضم حركة الهامش الثقافية أولئك الشباب الذين يتوزعون بين (مفروش الكتاب)
و (كافتريا أتنيه) نهارا، ويجتمعون مساءا- ما لم يك هناك نشاط ثقافي جاذب- بكافتيريا
أبو جنزير، كان ذلك قبل أن يتمكن هؤلاء الشباب من نشر أعمالهم بالصحف ومن تأسيس
نادي القصة القصيرة باليونسكو.
تزامنت عودته تلك مع عود
صحيفة الخرطوم القاهرية للصدور مجددا من الخرطوم، وفي مرحلة صدورها الاولى هنا،
كان زهاء الطاهر مشرفا على صفحاتها الثقافية لفترة ليست قصيرة.
لمحته أكثر من مرة قرب
مفروش لكن لم تتهيأ سانحة جيدة لنتعرف بصورة شخصية، صادفته مرة أخرى قرب دار عزة
للطباعة والنشر ومرة أخيرة في لقاء قصير جمعني به ببيت عثمان شنقر بأمبدة.
مخطوطات نصوصه القصصية
التي أحضرها شنقر إلى صحيفة الغد ونشرناها في ذلك الوقت، لفتت نظري إلى جمال خطه،
وأعرف من بعض أصدقائه المقربين بأنه صاحب صوت متمكن من الغناء، يعرف ذلك جيدا من
عاصروا أيامه بمدينة الأبيض ومنهم على سبيل المثال الكاتبة الصحافية القاصة سلمى
الشيخ سلامة، عرف زهاء الطاهر مبدعا في سياق (القصة القصيرة) لكن واقع النصوص التي
قرأتها له متفرقات بالصحف والمجلات أو مجتمعات في كتبه، عبارة عن نسيج محكم من
الشعر والنثر، أرجو أن يلتفت النقد الجاد لدرس مشروع إبداعي متفرد يضيء مجمل إنتاج
الرجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق