الأحد، 17 أبريل 2011

أبوذر الغفاري: أستحضر وجهك أيضا!

(أستحضر وجهك والإيقاع يشد خطاي
الأطفال وصوت النورس والهبباي
بالأمس صغنا وجهك آيدلوجيا
والفتيات جدلن العرس
واستحلمن برجع نشيدك في التنفيذ)

أبوذر الغفاري الشاعر الحاضر الغائب هو صاحب هذا المقطع الشعري، والمقطع الشعري هو مطلع قصيدته الشهيرة (رسالة وجد إلى أبوذر الغفاري)، في منتصف ثمانينات القرن المنصرم، انتظمت البلاد ثورة في النشاط الثقافي بمثلما انتظمتها في مجالات أخرى أعقبت الإنتفاضية الشعبية في أبريل 1985م، كنا وقتها في مطالع الشباب الأول، نرتاد المنتديات الأدبية بمختلف مسمياتها ونرود الأمسيات والنهارات الشعرية في كل مكان، ونقرأ الملفات الثقافية التي تصدر عن الصحف اليومية المحلية وغير المحلية والمجلات ذات الطابع الثقافي هي صاحبة الأولية في اهتماماتنا، تلك كانت مرحلة تشكل وعي، ووعي بمكونات العالم والاشياء.

أبوذر الغفاري من بين أسماء أخرى كان حاضرا هناك وبقوة، وقصيدته (رسالة وجد إلى أبوذر الغفاري) دفعت باسمه إلى مدارج الإهتمام من قبل محبي وكتاب الشعر ومتابعي حركته، نشرت القصيدة بأكثر من ملف ثقافي حينها وأكثر من مجلة، ولا يمكن أن يغادر شاعرها منبرا جماهيريا دون أن يطلب منه الجمهور قراءاتها، وأبوذر عمل بالصحافة الثقافية أيضا من خلال صحيفة (الأسبوع- متوقفة الصدور) وصحيفة (البديل- متوقفة الصدور أيضا)، وكتب شعرا غنائيا، أشهر أعماله في هذا المضمار (ضجة الشوق) التي تغني بها الراحل العزيز (مصطفى سيد أحمد):
في عيونك ضجة الشوق والهواجس
ريحة الموج البنحلم فيها جية النوارس

غاب أبوذر الغفاري أو (غيَّب؟!) في نهايات ثمانينات القرن المنصرم أو بدايات تسعينياته- لا أحد يدري على وجه التحديد، ومنذها بزلت جهود كثيرة من قبل أصدقائه وأسرته وآخرين نحو معرفة مصيره، ولم يظفر أحد بشيئ، كتب من كتب صادقا حول الأمر، وكتب من كتب ناسجا قصصا واقاويل لا تسندها حقائق أو يسندها منطق، وظل مصيره مجهولا، وشعره نسيا منسيا، وكأنه لم يك يوما بيننا، يسعى إلى رزقه وقوت يومه كبقية الناس، يسعد ويهش عندما يلتقي أصدقائه ومحبيه، ويكابد الشعر والرسم، في الحبر والأوراق والمنابر.

جمعتني به صداقة شخصية، قرأنا قصائدنا معا في أكثر من محل ومحفل ثقافي، جلسنا سويا إلى أكثر من حبيبة نتبادل الأنس في كافتريات الجامعة، جمعتنا جلسات إلى أصدقاء مشتركين في حييه السكني بـ الحاج يوسف، وإن كنت لا أملك حيلة نحو أن أعرف ما الذي حصل معه على وجه التحديد، فأنا أملك أن أستحضر وجهه وتفاصيله في أوقات الشوق والحنين للاصدقاء، أملك أن أكتب حرفا وأحكي عنه حكاية، لأصدقائي الجدد، ولأطفالي الصغار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق