الأحد، 17 أبريل 2011

منتديات شعرية أسماء ووجوه تفاصيل ذات عطر

منتدى مركز شباب أمدرمان
ما حدا بي، في تلك الظهيرة من أحد أيام أكتوبر1985م، للذهاب إلى مركز شباب أمدرمان متأبطاً (3) قصائد  من آخر ما كتبت، كان هو الإعلان الذي بثه التلفزيون في برنامج (جريدة المساء) عن مسابقة للشعراء الشباب تنظمها وزارة الشباب والرياضة عن طريق مراكز الشباب آنذاك. حين دخلت إلى المركز وجدت من دلني على محمود سهل عبدالماجد، المسئول عن أمر المسابقة، والذي أعلمني بدوره أن آخر يوم لاستلام النصوص المشاركة في المسابقة قد مضت عليه عدة أيام؛ وعليه هممت بمغادرة المكتب يتلبسني بعضُ إحباط، فإذا بالرجل يدعوني للمكوث قليلا رغبة منه في الإطلاع على الأوراق التي أحمل، بسطت له النصوص وطفق يقرأ، ثم نهض من مكتبه ليعلن لي أن هذه القصائد لا يمكن أن يفوتها أمر المشاركة، وقال أنه سينظر في الأمر على أن أحضر مساءأ. كانت هناك صالة كبيرة جمعت عددا مقدرا من الشباب من مختلف الأعمار، من الجنسين، وأدار محمود سهل الإجتماع الذي دعاني لحضوره، قرأ الحضور شعرا تنوع بين العامية بمختلف ضروبها والفصحى بمختلف ضروبها ايضا،في تلك الأمسية، كنت من بينهم، وفهمت أن الأمر كان إعدادا لأمسية شعرية يجري التخطيط لها بمسرح المركز، ولم يأت ذكر أي مسابقة فيما بعد.
مساء الأربعاء 30أكتوبر1985م، مسرح مركز شباب أمدرمان، كنت ضمن 24 شاعرا وشاعرة من مختلف الأعمار شاركنا في قراءات شعرية قدمها الشاعر عماد حسن إسماعيل، وحضرها جمهور غفير ضاقت به الصالة الواسعة، تلك أول أمسية شعرية أشارك فيها، خارج إطار النشاط الأدبي المدرسي، بمدرسة وسط المتوسطة بنين بأمبدة؛ وجدت مشاركتي فيها قبولا واسعا من الحضور وكانت بمثابة مفتاح لتجربة إمتدت بي إثرها، إلى تاريخ كتابة هذه السطور؛ ووجهت لي أكثر من دعوة في ذلك المساء للمشاركة في عدد من المنتديات، أذكر منها منتدى إشراقة والمنتدى الأدبي بجامعة القاهرة فرع الخرطوم.
أجتمع الشعراء والشاعرات المشاركين في تلك الأمسية عقب إنتهاءها وتمت الدعوة للقاء آخر بالمركز أعلن فيه ميلاد (منتدى مركز شباب أمدرمان الشعري) نواته الأولى تشكلت من شعراء تلك الأمسية أذكر منهم: سعدية عبدالسلام، عبدالعظيم أكول، الصادق محمد يوسف، عبدالسلام كامل عبدالسلام، عبدالخالق محمود نسيم..إلخ. واستمر المنتدى اسبوعيا بمركز شباب أمدرمان الذي خصص لنا مكانا ثابتا، وأيضا كان المنتدى يلبي دعوات كثيرة من أندية بمختلف أحياء العاصمة ومنتدياتها لإحياء الأمسيات الشعرية، وبطبيعة الحال غابت أسماء عن المنتدى وحضرت أسماء جديدة، لكن ظل المنتدى مستمرا عددا من السنوات، غير قليل، إلى أن غاب تدريجيا، وظلت بالذاكرة لحظات الميلاد والتكوين الأولى وببعض الأسماء والوجوه.
منتدى جامعة القاهرة فرع الخرطوم
 العاشرة من صباح كل خميس، وحتى الثالثة ظهراً منه، بنادي (التكاليف) ـ جامعة القاهرة فرع الخرطوم (سابقاً)، قرب السفارة الامريكية، في العاشرة من كل صباح كل خميس، ينطلق (مايكرفون) المنتدى الادبي، ضاجاً بالشعر من مختلف الاصوات بمختلف الاساليب الفنية في الكتابة والالقاء الشعري، حيث ينتظر جمهور عريض من داخل الجامعة وخارجها ان يروى ظمأ ذائقته، منتشراً على الكراسي والمساطب ومتجشماً عناء المنصات وقوفاً لساعات طويلة كان المنتدى الادبي، جامعة القاهرة فرع الخرطوم (سابقاً) احد المنابر الثقافية المهمة التي اسهمت في رفد الساحة الثقافية بمجموعة من الاصوات الابداعية المهمة في فعاليات ادبية مختلفة وعلى مدى اجيال عديدة، كان لكل جيل من اجيال المنتدى رموزه واسئلته وقضاياه واساليبه الفنية ولكن قلَّ ان يوجد جيل دون ان يكون له صلة بالجيل الذي سبقه وينقسم المنتدى الى قسمين اساسيين، مكتب الشعر ومكتب النثر، حسب اللجنة التنفيذية، للمنتدى التي تنتخب سنوياً، ومن اهم انشطة المنتدى، تقديم القراءات الشعرية الاسبوعية والتي يشارك فيها اعضاء المنتدى باعمالهم الشعرية بواقع ثلاث قصائد للشاعر حتى يسمح الوقت بمشاركة اكبر قدر ممكن من الشعراء والشاعرات، ايضاً من مهامه الاساسية المشاركة في الاسابيع الثقافية والفنية التي تقيمها الروابط الاقليمية لطلاب الجامعة داخل الجامعة وخارجها والمشاركة ايضاً مع الجمعيات والروابط الثقافية والفنية التي كانت تنتظم الجامعة في اسابيعها الثقافية مع العلم ان المشاركة لم تكن قاصرة على الروابط والجمعيات المنتسبة لجامعة القاهرة فرع الخرطوم فقط انما لكل من يقدم دعوة للمشاركة من اي جامعة كانت ومعهد فني عال كما كان للمنتدى ـ  نفسه ـ اسبوع ثقافي سنوي تشرف عليه اللجنة التنفيذية، ولم يكن اقل من تظاهرة ثقافية إذ يتحول اعضاء المنتدى الذين كانوا دائماً مبدعين مستضافين الى موقع المضيفين، إذ تقدم الدعوات لكل رموز الحركة الادبية والثقافية والفنية بالبلاد، وتتفجر مواهب اعضاء المنتدى ـ غير تلك التي عرفوا بها ـ في اثناء تنفيذ المعارض، مواهب في الخط العربي والرسم والتلوين، وتتعرف على الشخصيات اثناء المعارض والفعاليات الثقافية، تتعرف على ملامح جديدة لم تكن تعرفها من قبل، وينتظم الساحة مهرجاناً فعلياً لا يكون نصيب اعضاء المنتدى الادبي فيه، سوى امسية واحدة يمثلهم فيها البعض شاركت اول ما شاركت بالمنتدى الادبي، بدعوة كريمة من الاخ الشاعر (عماد حسن اسماعيل)، كما أشرت في كتابتي عن منتدى مركز شباب أمدرمان، حضرت الى نادي التكاليف بناءاً على دعوته، وجدته هناك ونفر من الشباب، سجلوا اسمي وطفقت انتظر دوري، اثناء ذلك قرأ (عاصم حنفي) الذي كنت اسمعه لاول مرة، من (ليمياءاته) الشهيرة، وكان قد صدر له حديثاً ديواناً (حصاد الحمَّى) و(ليمياء)، وقرأ احمد الغالي صاحب (قارب البلور) التي تتغنى بها مجموعة (عقد الجلاد)، فكان ان تمنيت ان لا يأتي دوري في الالقاء، ولكن هيهات جاء دوري ولا من مناص، قدمت قراءة لبعض اعمالي فرحب بي جمهور المنتدى وشعرائه، وعلى الرغم من انني لم اكن طالباً بالجامعة منحوني عضوية المنتدى وبالتالي فتحوا امامي شرفة مضيئة لعوالم معرفية أخاذة كان هناك  عثمان يعقوب (شيخ البنفسج) وحسن اسماعيل وجعفر اسماعيل وعاصم حنفي والراحل عمر الدرديري وناصر ميرغني وسحر خليل ومحمد عبد القادر خير ومحمد عبد القادر سبيل وازهري الحاج شرشاب وعماد حسن اسماعيل وعبد الله الزين وامين صديق وعثمان بشرى وخالد عمر وبالتأكيد المساحة لا تفي ذكر كل الاسماء، المنتدى الادبي احد المنارات الادبية التي كانت ترفد الحركة الادبية والثقافية بالاصوات الجديدة المتقدمة في مجالات عديدة، وقد شهد نفر كريم من شهود تلكم الايام بالدور الكبير الذي كان يلعبه في شغل فراغ كان يمكن ان يكون عظيماً .
منتدى مكتبة البشير الريح العامة
أعادتني أمسية شعرية شاركت فيها منتصف مايو الماضي، بدعوة كريمة من رابطة اصدقاء مكتبة الزهراء بأمدرمان ومكتبة البشير الريح العامة بأمدرمان، بمقر الأخيرة، إلى تلك الأيام من العام 1994م التي كنا ننتظم فيها ضمن عضوية المنتدى الشعري بمكتبة البشير الريح العامة، التي كانت تفتح لنا أبوابها مساء كل إثنين اسبوعيا وكانت الجلسات مفتوحة للأعضاء دائمي الحضور والمشاركة وللشعراء الجدد وللجمهور أيضا، سبقني إليه عدد من الاصدقاء الشعراء على رأسهم عبد المنعم الكتيابي وفتحي البحيري ونصار الصادق الحاج وربيع محمد صالح وسعادة عبدالرحمن والطيب برير يوسف والهندي عزالدين وآخرين، فلم أكن من ضمن المؤسسين، وكان للشعراء: عفيفي إسماعيل وأزهري محمد علي، ومعتصم الطاهر وطلال دفع الله، من منتدى الحصاحيصا حضور متميز من واقع حرصهم علي القدوم من الحصاحيصا أسبوعيا، فقط للمشاركة في الجلسات الشعرية والأنشطة الثقافية المختلفة للمنتدى وللمكتبة التي كانت تقيم ندوة ثقافية كل أربعاء بجانب المنتدى.
أسماء كثيرة أطلت، لأول مرة من خلال هذا المنتدى نذكر منها: محمد الصادق الحاج، وعيسى عبدالله، وناجي البدوي، وأيضا خالد عباس وأبوبكر عبد المجيد، وعبدالله الطاهر..إلخ.
تعرضت مكتبة البشير الريح العامة لمحن عديدة منذ أن تأسست- حسب د . قاسم عثمان نور:  (في حوالي عام 1988م ، في نفس المبنى الذي كانت تحتله مكتبة المجلس البريطاني الشهيرة بحي (الهاشماب) بواسطة أسرة البشير الريح وكان في طليعتهم إبنه المغفور له بإذن الله عبد الرحمن البشير الريح وقد رأت الأسرة وفاء لذكرى والدهم تأسيس تلك المكتبة لتكون وقفاً ثقافياً لخدمة العلم والثقافة . ولم تبخل الأسرة على المكتبة بل تم تأسيسها وتزويدها بالمجموعات والأثاثات والأجهزة والمعدات.)،لعل أشهرها محنة عرضها للبيع بالدلالة والتي كتب فيها د. قاسم عثمان نور كلمته الشهيرة المنشورة بصحيفة الأيام عدد الثلاثاء 26أغسطس عام2004م المعنونة بـ (أدركوا مكتبة البشير الريح)، وأيضا أغلقت المكتبة خلال العام الماضي لأسباب مالية.
جاءت الندوة الشعرية التي أشرت لمشاركتي فيها مؤخرا، في سياق جهود حثيثة يسعى بها نفر من المثقفين والمبدعين والناشطين نحو أن تعود مكتبة البشير العامة، مرة أخرى إلى روادها وإلى مكانها الخليق بها في الساحة الثقافية، وكان حضورا هناك عدد من أبناء المكان الذي أضاء بهم في تلك الأمسية ولم يفترق الجمع إلى على وعد الحضور مرة أخرى لإحياء فعالية ثقافية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق