الأحد، 17 أبريل 2011

أن يدفع الكاتب

تقليد عجيب ومدهش تفتقت عنه عبقرية الناشر العربي، نعم ليس جديدا ولكنه متجدد بحيث يدفعنا دفعا لتناوله في هذه الزاوية خاصة وأن عبقرية الناشر السوداني أيضا لم يفت عليها الأمر وهاهي تمارسه  على كبار كتابنا وناشئتهم على السواء، والشاهد أن الناشر لم يعد يزعج نفسه بشئ من مستحقات عمله ومهنته وصار على الكاتب بعد أن يكتب كتابه ( يفرغ من أداء عمله) أن يعمل عملا إضافيا، صار لزاما عليه أن يحرِّر كتابه بنفسه– كل مراحل التحرير– أن ينتقي مصمما لغلاف كتابه ومن ثم عليه أن يدفع للناشر مصاريف الطباعة وما إليه، والحال كذلك نريد أن نعرف حقا ماهو عمل الناشر، أين يبدأ دوره وأين ينتهي دور الكاتب في هذه العملية التي يجب أن تكون أدوار أطرافها جميعا واضحة المعالم ومرسومة بدقة فائقة لتتكامل الأدوار.
يحتج الناشر بأنه يعمل في ظروف صعبة، يحتج بأنه يدفع ضرائب (مضاعفة) ويحتج كذلك بضيق قنوات التوزيع (إن لم يكن إنعدامها)، يحتج بتراجع نسب القراءة والإقبال على شراء الكتب ..إلخ، ويحتج الكاتب بأنه يعمل في ظروف صعبة كذلك فهو مضطر إلى إتقان مهنة أخرى لضمان (أكل عيشه) وليس متفرغا تماما للكتابة، الأمر الذي يكلفه من إهدار الكثير من الوقت والطاقة مما يلزم القراءة والتأمل وبالتالي الخلق والإبداع، ويحتج كذلك بأن له حقوق تأليف ونشر يجب أن تراعى وأن لا تتعرض لـ (قرصنة الناشرين) تحت أي ظرف ..إلخ.
حين يطلب الناشر من الكاتب أن يدفع مصاريف الطباعة أو أن يساهم فيها فذلك يعني أن على الكاتب أن لايناقش مسألة حقوق التأليف والنشر من حيث المبدأ وعليه ثانيا أن يتشكك في القيمة الفنية لعمله (الذي لم يعد مرغوبا في إنتاجه طالمالم يكن قادرا على دفع مصاريفه) وغض النظر عن أن بعض الكتاب يدفعون للناشر حقا، من منطلقات ودوافع مختلفة، يظل الأمر (محرجا ومؤذيا) للكاتب على كل المستويات والمقاييس، وقد يكون رد فعله قاسيا ومؤذيا كذلك، فهو قد ينسحب– غض النظر عن إمكانياته المادية وعن مقدرته على الدفع من عدمها– من المشهد كليا، مفضلا أن تظل مخطوطاته حبيسة الأدراج أو في أفضل الأحوال يتركها تعيش حياة محدودة بين يدي عدد محدود من أصدقائه المقربين (بعض الكتاب فضل هذا الخيار بالفعل).
أن يتحول الكاتب إلى ناشر، أحد ردود الأفعال التي جرى رصدها، يبدأ الأمر بأن يتحمل الكاتب رغم موارده المادية المحدودة كل مراحل الطباعة دون أن يستعين بناشر وأن يخرج بكتابه الى عراء سوق التوزيع بأشراطه المجحفة نسبة لمن لم يعد نفسه مسبقا لهذه المهنة وقد يستعين بكتاب آخرين من ذوي (الغبن) أو بأصدقاء من ذوي (المال)، فتنجح المبادرة نجاحا محدودا أو ربما لا تنجح أصلا ولدينا أمثلة كثيرة في الحالين، بالداخل وبالمحيط (لا نرغب في سردها).

هناك تعليق واحد:

  1. استاذ الصادق الرضى كلامك عين العقل لكن السبب الرئيسي في جعل الناشر يمثل دور الوسيط الجشع هو الكاتبة في حد ذاته لان الكتاب يجب ان لا يدفعوا للناشرين كيف يدفعوا للناشرين من جيوبهم وفي نفس الوقت حقوق الطبع والنشر تكون من ناحية قانونية حكر على دار النشر ؟ وهذا يساعد اصحاب دور النشر الاسماك الكبيرة تربح من عرق جبين الكاتب .... وهذا غير المبدعين الذين تطبع اعمالهم دون علمهم انها قرصنة للعقول المبدعة والحل ان يجتمع جميع المبدعين والمثقفين وعشاق الادب والمساهمة في تاسيس دار نشر قومية بنظام الاسهم ( شركة مساهمة ) كل مساهم يدفع ما يستطيع حتى لو جنيه واحد واذا جمعنا اعداد الكتاب في جميع مجالات الادب والسياسة والمجتمع والمثقفين والقرأ في السودان بجميع اقاليمه سوف يكون هنالك عداد مهول من المساهمين وتطبع كتب المبدعين على نفقة الدار وتقتسم الدار والمبدع عائد بيع الكتب لان الدار هي المسؤول الاول من التسويق بحكم خقوق الملكية وهذه المبادرة راسخة في ذهني منذ مدة طويلة وهي عمل يخدمنا ويخدم الاجيال القادمة ويساعد على اكتشاف وجوه جديدة من المبدعين لان كل مبدع هو المساهم الفعلي في هذه الدار الرجاء التفكير في هذا المبادرة والاتصال عبر مدونتي أو على صفحتي في الفيس بوك بالمناسبة انا عضو في صفحتك في الفيس وعنواني : waleed makkawi وشكراً لك محبتي

    ردحذف